×

بين الأدلة أن ملك الموت هو رئيس هَؤُلاءِ المَلائكَة، فهم يجمعون روحه من جسده ومن عروقه ومن سائر جسمه فإذا اجتمعت في الغرغرة تناولها ملك الموت، فهم أعوانٌ له.

قال تعَالى: ﴿ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ [النساء: 97] ظلم النَّفس هو بالمعاصي، ومن أعظم المعاصي ترك الهِجرَة، فمن ترك الهِجرَة وهو يقدر عليها فقد ظلم نفسه، يعني: وضعها في غير موضعها؛ لأن الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، فمن وضع نفسه مع الكفَّار كان ظالمًا لها؛ لأن الواجب أن يضعها مع المُسْلمين.

قالت لهم المَلائكَة: ﴿فِيمَ كُنتُمۡۖ [النساء: 97] مع أي جماعة أنتم؟ توبخهم المَلائكَة على كونهم مع الكفَّار، أجابوا فقالوا: ﴿كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ [النساء: 97]، أي: إن الكفَّار أجبرونا وخَرجُوا بنا، فالمَلائكَة لم تقبل هذا العذر ﴿قَالُواْ أي المَلائكَة ﴿أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ [النساء: 97]، هل ضاقت الأَرْض ولم تجدوا أرضًا تهاجرون إليها وتخَرجُوا من قبضة الكفَّار، والمُسلِمُون قريبون منكم في المَدينَة؟ فليس لكم عذر في وجودكم مع الكفَّار، بل أنتم الذين فرطتم، وأنتم الذين مكنتم الكفَّار منكم ومن السيطرة عليكم.

فهذا من آفات بقاء المسلم مع الكفَّار وتحت سلطتهم، أنهم يوقعونه في مثل هذا الموقف، إذا نزلت به المَلائكَة تقبض روحه وهو مع الكفَّار، وكان يقدر على الهِجرَة وتركها فإن كل من ترك الهِجرَة وهو يقدر عليها وهو لا يقدر على إِظهَار دينه فإنه يكون مثل هَؤُلاءِ، فهَؤُلاءِ


الشرح