والحاصل: أن
الذي يقول: هذا ليْس بشِركٍ. تقول له: فسِّر لي الشِّرك ما هو؟ فإذا فسره بالتفسير
الصَّحِيح تبين كذبه، وإن فسره بغير التفسير الصَّحِيح فهو مبطل؛ كما وصفه
المُؤَلِّف هنا بقوله «بان أمره واتضح
عناده وكفره».
قوله:
«ولم يفرق تبارك وتعالى بين الخَائِف
وغيره» لم يفرق في هذا بين الذي يظهر المُوالاَة للكفَّار ويساعدهم وهو خَائِف
منهم أو غير خَائِف، إنما عذر المُكره فقط، أما الخَوْف فدائمًا الكفَّار يهددون
المُسْلمين، والله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ يُخَوِّفُ
أَوۡلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 175]، بعد قوله تعَالى: ﴿ٱلَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ﴾ [آل عمران: 173]، وذلك بعد أن عاد المُسلِمُون من أحد
وما زال الدم يسيل من جروحهم، أرسلوا يتهددونهم بأنهم يجمعون الجموع وسيرجعون،
والمُسلِمُون ما تضعضعوا عن إِيمَانهم، بل قالوا: ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]، فلما أظهروا قوة إِيمَانهم وثباتهم رد
الله المُشْركين وأثناهم عنهم، قال تعَالى: ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ
لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ
ٱلۡوَكِيلُ ١٧٣فَٱنقَلَبُواْ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ
سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ ١٧٤إِنَّمَا
ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوۡلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن
كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ ١٧٥﴾
[آل عمران: 173- 175]، فالخَوْف من الكَافِر ليس بعذر، إلا إذا وصل إلى حد
الإِكرَاه.