×

قوله: «ثم أخبر أن سبب ذلك كون كَثِير منهم فاسقين»؛ لأن الذي جرّهم إلى هذا فسقهم، والفسق يجرّ إلى الكُفْر، والشر يجر بَعْضه إلى بَعْض، فقد كان إِيمَانهم مهزوزًا وناقصًا وضعيفًا، وكان فيهم شيء من النِّفَاق، فلما جاءت المحنة انقلبوا على أعقابهم، قال تعَالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعۡبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرۡفٖۖ [الحج: 11]، يعني: طرف، ﴿فَإِنۡ أَصَابَهُۥ خَيۡرٌ ٱطۡمَأَنَّ بِهِۦۖ وَإِنۡ أَصَابَتۡهُ فِتۡنَةٌ ٱنقَلَبَ عَلَىٰ وَجۡهِهِۦ خَسِرَ ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةَۚ [الحج: 11]، فالفتن تكشف النَّاس، ينكشف بها المُؤْمِن الصَّادق من المنافق من ضعيف الإِيمَان، ويتميز بها الصابر من الذي لا يصبر.

قوله: «ولم يفرِّق بين من خاف الدائرة وبين من لم يخف»، فالذين قالوا: ﴿نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ [المائدة: 52] خافوا أن ينتصر الكفَّار على المُسْلمين فقالوا: نجعل لنا مَعهُم يدًا، فنقدم لهم محبَّة ومودة حتَّى إذا انتصروا على المُسْلمين لا يضروننا، فهم يسيئون الظَّن بالله عز وجل كما قال تعَالى عنهم: ﴿بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا [الفتح: 12]، فهم يظنون بالله ظن الجَاهِليَّة، ويرون أن الحق سيزول وأن الكفَّار سيظهرون وينتصرون، وهَؤُلاءِ قال الله تعَالى عنهم: ﴿ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحٞ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَٰفِرِينَ نَصِيبٞ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَيۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا [النساء: 141].


الشرح