هذه هي طريقة المُنَافقِين أنهم يتخذون مع
الكفَّار يدًا، وهذا ما فعله المُنَافقُون مع اليَهُود الذين كانوا في المَدينَة،
اتخذوا مَعهُم يدًا حتَّى إذا انتصروا على المُسْلمين لا يضرونهم؛ لأنهم قد
وثَّقوا العلاقة مَعهُم، وهذا يدل على أنهم لا يؤمنون بالله، بل يسيئون الظَّن
بالله عز وجل ويتربَّصون بالمُؤْمِنين، وينتظرون أن يزول هذا الدِّين، فالله فضحهم
وأكذب ظنهم، ونصر المُسْلمين على اليَهُود، فأخرجوهم من حصونهم، وطردوهم من المَدينَة
إلى الشام، قال تعَالى: ﴿وَأَنزَلَ
ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ
ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا ٢٦وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ
وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ
عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا ٢٧﴾
[الأحزاب: 26، 27]، هذا حصل بعد غزوة الخندق مع بني قُريظة، ﴿وَأَرۡضٗا
لَّمۡ تَطَُٔوهَاۚ﴾ [الأحزاب:
27]، وهي أرض خيبر التي فتحها المُسلِمُون بعد ذلك.
قوله:
«وهكذا حالُ كَثِير من هَؤُلاءِ
المُرتَدِّين، قَبل رِدَّتهم كَثِير منهم فاسقون» كانوا يتربصون مع العَدُو
لينتصر فيكون لهم معه مقدمات، ويأمنون على أنفسهم، ولكن الله عز وجل عكس الأَمر
عليهم ونصر المُسْلمين في هذه البِلاَد ولله الحمد، فما أن رحلت جيوش العَدُو عن
هذه البِلاَد إلا وقد عاد للمُسْلمين عزهم ونصرهم وحكومتهم على يد الإمام تركي بن
عبْد اللهِ آل سعود رحمه الله وعادت الدَعْوة كما كانت، وخاب ظن هَؤُلاءِ، وانتكس
أمرهم.
الصفحة 3 / 207