×

قوله: ﴿ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ [مُحمَّد: 25] إبليس الذي هو عدوهم هو الذي قادهم إلى هذا الارتداد، فأطاعوا عدوَّهم ليُخرجهم من الإِسْلام إلى الكُفْر، ومن النور إلى الظلمات، قال تعَالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ يُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَٰتِۗ [البقرة: 257].

وهذا في كل زمانٍ ومكان، فإن شياطين الإِنسِ والجِن يحاولون صرف المُسْلمين عن دينهم، ويحاولون ردّة المُسْلمين عن دينهم بما يقيمون من الشُّبهات والمغريات والتَّهديدات هذا دائمًا وأبدًا، وليس هذا خاصًّا في الذين نزلت فيهم الآية ﴿ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ [مُحمَّد: 25] زيّن لهم الرِّدَّة ﴿وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ [مُحمَّد: 25] حسن لهم ما هم عليه وزينه في قُلُوبهم، ووعدهم بالوعود الحسنة، والنتائج الطيبة، حتَّى يُرغِّبَهم في الرِّدَّة ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ [مُحمَّد: 26] أي: إن ما حصل لهم من الرِّدَّة إنما هو بسبب أنهم ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ [مُحمَّد: 26] ومن كَرِه ما أنزل الله فقد ارتدّ عن الدِّين؛ كما في أول السورة ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ [مُحمَّد: 9] فالذي يكره ما أنزل الله يكون مرتدًّا والعِيَاذ باللهِ، فهم أطاعوا المُرتَدِّين الذين كرهوا ما أنزل الله، وقالوا ﴿سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ [مُحمَّد: 26] لم يطيعوهم فعلاً ولكن وعدوهم، وأَيضًا ليست طاعة مطلقة في كل الأمر، بل في بَعْض الأمر، ﴿وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ [مُحمَّد: 26] يعلم ما في قُلُوبهم وما يتناجون به بينهم ويُسِرُّونه عن المُسْلمين.


الشرح