ثم ذكر عاقبتهم فقال: ﴿فَكَيۡفَ إِذَا تَوَفَّتۡهُمُ
ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ﴾ [مُحمَّد: 27 ] إذا قبضتهم ملائكة الموت؛ كما في قوله
تعَالى: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ تَوَفَّتۡهُ
رُسُلُنَا وَهُمۡ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61]، و قوله: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ﴾
[الأنفال: 50]، وهنا يقول: ﴿فَكَيۡفَ﴾
[مُحمَّد: 27 ] هذا تهويل لحالهم، كيف لو رأيت حالتهم عند الموت والاحتضار ﴿يَضۡرِبُونَ﴾ [مُحمَّد: 27 ] أي: المَلائكَة ﴿وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ﴾ [مُحمَّد: 27 ] بالمقارع
والآلات التي يضربونهم بها من أمام ومن خلف، مضارب شديدة والعِيَاذ باللهِ، وهذا
شيءٌ لا نشعر به نحن، يكون عندهم من يحضر موتها ولكن لا يدري ما الذي يجري لهم مع
المَلائكَة؛ لأن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله؛ فالمُحْتَضر يرى ما لا
نرى، ويحضره ما لا يحضرنا؛ لأنه دخل في عالمٍ آخر، وحضرته المَلائكَة فيراهم
ونَحْن لا نراهم، فالمُحتَضر دخل في عالم الغيب وأول الآخِرَة، وجاءته ملائكة الموت،
فإذا كان قبل موته من فريق المُنَافقِين والمُرتَدِّين فإنه زيادةٌ على استخراج
روحه بشدة يضربونه من الأمام ومن القفا والعِيَاذ باللهِ.
وهذا كما في قوله تعَالى: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّٰلِمُونَ
فِي غَمَرَٰتِ ٱلۡمَوۡتِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ بَاسِطُوٓاْ أَيۡدِيهِمۡ﴾
[الأنعام: 93] يعني: باسطو أيديهم بالضَّرب يَقولُون لهم: ﴿أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ﴾
[الأنعام: 93] أي: أرواحكم ﴿ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ
ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَكُنتُمۡ عَنۡ
ءَايَٰتِهِۦ تَسۡتَكۡبِرُونَ﴾ [الأنعام: 93]، هذا يحصل عند
وفاة المرتد والكَافِر والمنافق