×

 والعِيَاذ باللهِ، يموت أسوأ مِيتة، وتتفرَّق روحه في جسده ويصعب استخراجها جدًّا ويتألم بها، وتُخرج على صفةٍ مفزعة والعِيَاذ باللهِ.

هذه عاقبةُ المُرتَدِّين عن دينهم، وما أقرب هذه العاقبة، وما أقرب الموت وأسرعه وهَؤُلاءِ المرتدون يواجهون عنده هذه العاقبة السيئة، وهذا أشد من أذى الكفَّار للمسلم في الدُّنيا، فإن ما يلاقيه المنافق والمرتد عند الموت أشد مما يناله في الدُّنيا وهو على قيد الحَيَاة لو قُدر له أن يثبت على دينه، فيجب المقارنة بين هذا وذاك.

قوله: «فذكر تعَالى عن المُرتَدِّين على أدبارهم أنهم من بعد ما تبين لهم الهدى ارتدّوا على علم» لم يرتدوا عن جهل، والعلم يحصل ببلوغ القُرْآن وبلوغ السُّنّة، فمن سمع القُرْآن وسمع السُّنّة فإنه صار عالمًا بدينه جملة، وإن لم يكن عالمًا بالتفاصيل، لكنه عَلِمَ الحق من البَاطِل ببلوغ القُرْآن والسُّنَّة.

قوله: «ولم ينفعهم علمهم بالحق مع الرِّدَّة»، فالعالم لا يغتر بعلمه ويقول: أنا لا يمكن أن أنحرفَ لأنني على علم، بل عليه أن يخشى من الرِّدَّة والزيغ، وإِبرَاهِيم الخليل عليه السلام كان يدعو ويقول: ﴿وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ [إِبرَاهِيم: 35] ومُحمَّد صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ([1])، فالمسلم لا يأمن على نفسه حتَّى ولو كان عالمًا، فلا يقول: أنا لا يمكن أن أنخدع لأنني عالم، بل عليه أن يخشى على دينه.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2140)، وابن ماجه رقم (3834)، وأحمد رقم (12107).