قوله: «وأخبر أنهم يَقولُون لهم في السر: ﴿لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ﴾
[الحشر: 11] » فهم لا يُظهرون قولهم هذا؛ لأنهم جُبناء، ولا
يصرِّحون بما يعتقدون لما فيهم من الجُبن والخِداع، فكيف علم الرَّسُول صلى الله
عليه وسلم بذلك وهو سر؟ الجَواب: لأن الله جل وعلا أطلعه على هذا وأخبره
به.
قوله:
«ثم شهد تعَالى أنهم كاذبون في هذا القول»
فلم ينصروهم ولم يكونوا مَعهُم لما قاتلهم النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولم
يخْرجُوا مَعهُم لما أخرجهم.
قوله:
«فإذا كان وعد المُشْركين في السر بالدخول
مَعهُم، ونصرهم، والخروج مَعهُم إن أجلوا، نفاقًا وكفرًا وإن كان كذبًا؛ فكيف بمن
أظهر ذلك صادقًا، وقدم عليهم، ودخل في طاعتهم، ودعا إليها؟» يقصد هَؤُلاءِ
الذين في وقت حملة الأَعدَاء على بِلاَد التَّوحِيد، أنهم ذهبوا إلى الأَعدَاء
ومالؤوهم، وزيَّنوا لهم الغزو، وسهَّلوا لهم الطرق، وحملوهم، فهَؤُلاءِ نفّذوا
وعدهم، والتنفيذ أشد من القول المجرد، فإذا كان الله حكم بالرِّدَّة بمجرد القول
بدون فعل، فكيف بالذي قال ونفّذ؟!
قوله:
«هذا مع أن المُنَافقِين لم يفعلوا ذلك
إلا خَوْفا من الدَّوَائِر» ومجرد الخَوْف لا يُبرر أن يَتنَازَل المسلم عن
دينه أبدًا، أما إن كان مُكرهًا فإنه يتظاهر ويعطيهم ما يريدون في الظَّاهِر،
ويبقى في البَاطِن على دينه وعقيدته؛ لأن الكفَّار لا يطّلعون على القلب، وليس لهم
تصرف في القُلُوب، وليس لهم إلا الظَّاهِر.
قوله:
«كما قال تعَالى: ﴿فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ
يُسَٰرِعُونَ فِيهِمۡ يَقُولُونَ نَخۡشَىٰٓ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٞۚ﴾
[المائدة: 52] » فهذا ما يتعلل به المُنَافقُون، أنهم