يواد الكفَّار لا يؤمن بالله واليوم الآخر، وكفى
بهذا زاجرًا عن مودتهم.
والمَودَّة:
هي أحد أَنوَاع المُوالاَة؛ لأن المَودَّة تكون في القُلُوب، وقوله تعَالى: ﴿يُوَآدُّونَ﴾ [المجادلة: 22]، هذا من أفعال المشاركة، يعني: يبادلون
الكفَّار المَودَّة، والله جل وعلا لا يحب الكفَّار، فالمُؤْمِن لا يحب ما يبغضه
الله عز وجل إنما يحب مَنْ أحبه الله، ويبغض مَنْ أبغضه الله، وكيف يحب من يبغضهم
الله؟!
ولهذا
يقول ابن القيِّم رحمه الله في النونية:
أتحب أَعدَاء الحبيب **** وتدعي حبًّا له ما ذاك في
إمكان
وكذا تعادي جاهدًا أحبابه **** أين المحبَّة يا أخا
الشَّيطَان
تعادي
أحباب الله وتواد أَعدَاء اللهِ، وتدعي أنك تحب الله، فأين المحبَّة التي تدعيها؟
هذا من التناقض، وعلى أي شيء يُحَب الكفَّار؟ أيُحبون على الكُفْر والشِّرك؟!!
فلا
مكان لمحبتهم وهم كفار مشركون، أما التَّعامُل مَعهُم في المباحات دون المحبَّة
فهذا لا بأس به، مثل: التَّعامُل مَعهُم في البيع، والشِّراء، و الاستئجار،
والتأجير، وما أشبه ذلك؛ لأن هذا من الأُمُور الدُّنيَويَّة، وكذلك مكافأتهم على
الإحسان الذي يبذلونه، هذا مِن بَابِ المكافأة وليس مِن بَابِ المحبَّة، فالمحبَّة
في القُلُوب، وأما التَّعامُل مَعهُم في المُباحات فهذا لا يلزمه المحبَّة، بل هذا
مِن بَابِ المعاوضة وتبادل المنافع والمصالح التي أباحها الله لعباده.