فَقَالَ:
اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ([1]).
لأن
أهل بدر لهم سابقة ولهم فضل يسببان أن يُغفر لهم ما قد يقع منهم من الأخطاء، فعفا
عنه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم نظرًا لصحبته وأنه من أهل بدر، ولأنه صدقه
وأخبره بالخبر الصَّادق، ولم يأت بأعذار غير صحيحة، بل أتى بالعذر الذي يرى أنه
الصَّحِيح؛ لأنه اجتهاد منه أخطأ فيه، وهو باقٍ على إِيمَانه وليس منافقًا ولا
شاكًّا في إِيمَانه، ولا مُحابيًا للكفَّار؛ لأنه يعلم أن الله مع رسوله صلى الله
عليه وسلم، وأنزل الله سورة الممتحنة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾
[الممتحنة: 1] إلى آخر السورة، وهي سورة كلها عتاب، وكلها ذكر لحالة إِبرَاهِيم
والذين معه وبراءتهم من الكفَّار، وكلها بيان أن الأَولاَد والأَرحَام لا ينفعون
يوم القيَامَة.
فهذا
سبب نزول هذه السورة، لكنها عامة إلى أن تقوم السَّاعة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص
السَّبب، وانظر إلى قوله تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ
عَدُوِّي﴾ [الممتحنة: 1] وصف هذا
الصَّحابِي بأنه من المُؤْمِنين، فدل هذا على أن هذا الصَّحابِي لم يتزعزع
إِيمَانه ولا يقينه بالله عز وجل وقد صدق في قوله للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَمَا فَعَلْتُهُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا
وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِْسْلاَمِ».
قوله: «فأين هذا ممن يدعي أنه على الصِّرَاط المستقيم لم يخرج عنه» يفعلون ما يفعلون مع الكفَّار من التودد والتملق وإِظهَار الطَّاعة
([1])أخرجه: البخاري رقم (3007)، ومسلم رقم (2494).