هذا هو الرياء، وهو نوع من الشرك؛ لأنه قَصْد لغير الله عز وجل. والنيات
والمقاصد من أعمال القلوب، لا يعلمها إلا الله عز وجل؛ ولذلك يسمى بـ «الشرك الخفي» فرقًا بينه وبين الشرك
الظاهر الذي يُرى؛ كالسجود للأصنام، والذبح لغير الله. أو الذي يُسمع؛ كدعاء غير
الله عز وجل.
فالشرك في الأقوال والأفعال هذا ظاهر يراه الناس، وأما الشرك في النية فهذا
شرك خفي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
ولهذا يقول العَلاَّمة ابن القيم رحمه الله:
والشركَ فاحذره فشركٌ ظاهر **** ذا القِسم ليس بقابل
الغفرانِ
وهو اتخاذ الند للرحمـن أيْـ **** يـًا كان من حجر ومن
إنسانِ
يدعوه أو يرجوه ثم يَخافه ***** ويحبه كمحبة الديانِ
فالشرك الظاهر لا يقع فيه إلا المشركون الذين يُعرف أنهم مشركون، ولا يقع
فيه أهل الصلاح وأهل التقوى.
أما الشرك الخفي فقد يحصل من الصالحين ويحصل من الطيبين؛ ولهذا خافه النبي صلى الله عليه وسلم على صحابته، فقال: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ» قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً» ([1]).
([1]) أخرجه: أحمد رقم (23630)، والبيهقي في الكبير رقم (6412)، والطبراني في الكبير رقم (4301).