فهذا الشرك خطير جدًّا؛ لأنه يقع حتى من الصالحين، إلا مَن عصمه الله عز
وجل.
قوله: «وقول الله تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠
بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُوحَىٰٓ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ﴾» يأمر الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يعلن
للناس أنه بشر مثلهم، ليس له من الأمر شيء، ولا من الربوبية ولا من الألوهية شيء؛
إنما هو عبد من عباد الله عز وجل، إلا أن الله مَيَّزه بالوحي والرسالة، فهو عبد
الله ورسوله.
وفي هذا رَدٌّ على الغُلاة الذين يَغلون في النبي صلى الله عليه وسلم،
ويزعمون أنه يعلم الغيب، وأنه يتصرف في الكون، ويرفعونه من منزلة البشرية إلى
منزلة الربوبية، كما فَعَل النصارى مع عيسى عليه الصلاة والسلام.
قوله: ﴿يُوحَىٰٓ إِلَيَّ﴾ هذه هي الميزة التي
خصه الله عز وجل بها، أنه يوحى إليه.
والوحي في اللغة: هو الإعلام بخفاء.
وهو يكون بواسطة المَلَك المُوكَّل بالوحي، وهو جبريل عليه السلام، ينزل
على النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي من الله عز وجل، قال عز وجل: ﴿أَوۡ يُرۡسِلَ رَسُولٗا
فَيُوحِيَ بِإِذۡنِهِۦ مَا يَشَآءُۚ﴾ [الشورى: 51].
وقد يكون الوحي إلهامًا بدون واسطة مَلَكٍ؛ كما في قوله عز وجل: ﴿وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ
أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ﴾ [القصص: 7]، يعني: ألهمناها. وقوله عز وجل: ﴿وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ﴾ [النحل: 68]، هذا
إلهام من الله عز وجل، ألهم النحل أن تعمل هذا العمل العجيب.