قال:
فيركبونها!
قال:
فهي أسرع من الطائر، وأوطأ من الفراش، نُجُبًا من غير مهنة، يسير الرجل إلى جنب
أخيه وهو يكلمه ويناجيه، لا تصيب أُذُن راحلة منها أُذُن صاحبتها، ولا رُكْبة
راحلة رُكْبة صاحبتها، حتى إن الشجرة لتتنحى عن طرقهم لئلا تفرق بين الرجل وأخيه.
قال:
فيأتون إلى الرحمن الرحيم، فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه
قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، وحُق لك الجلال والإكرام.
قال:
فيقول تبارك وتعالى عند ذلك: أنا السلام، ومني السلام، وعليكم حَقت رحمتي ومحبتي،
مرحبًا بعبادي الذين خَشُوني بغيب وأطاعوا أمري.
قال:
فيقولون: ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك، ولم نقدرك حق قدرك، فَأْذَنْ لنا بالسجود
قدامك!!
قال:
فيقول الله: إنها ليست بدار نصب ولا عبادة، ولكنها دار مُلْك ونعيم، وإني قد رفعت
عنكم نَصَب العبادة، فسلوني ما شئتم؛ فإن لكل رجل منكم أمنيته!!
فيسألونه،
حتى إن أقصرهم أمنية ليقول: رَبِّ، تنافَسَ أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها،
رَبِّ فَأْتِني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتَها إلى أن انتهت الدنيا! فيقول الله:
لقد قَصَّرَتْ بك اليوم أمنيتك، ولقد سألتَ دون منزلتك، هذا لك مني، وسأتحفك
بمنزلتي؛ لأنه ليس في عطائي نكد ولا تصريد.