×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

لكن المذموم أن يَقصد الدينار والدرهم والخميصة والخميلة بعمل الآخرة، فيَطلب العلم لأجل الوظيفة، ويتولى الأعمال الدينية من أجل الوظيفة، ويُعلِّم القرآن لأجل ما يُعطَى من المال، فإن لم يُعْطَ امتنع عن التعليم. أو يخرج للجهاد من أجل ما يحصل له من الجاه مع الأمير أو السلطان... وغير ذلك من أعمال الآخرة التي لا تُقبل إلا إذا كانت خالصة لوجه الله.

ثم ذَكَر صفات مَن يعمل من أجل الدنيا، فقال: «إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ»، وهذه من صفات المنافقين؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمِنۡهُم مَّن يَلۡمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ فَإِنۡ أُعۡطُواْ مِنۡهَا رَضُواْ وَإِن لَّمۡ يُعۡطَوۡاْ مِنۡهَآ إِذَا هُمۡ يَسۡخَطُونَ [التوبة: 58].

هذا هو الفارق: إن أُعطِي من هذه المطامع رضي، وإن لم يُعْطَ سَخِط.

أما المؤمن، فإنه إن أُعطي شكر، وإن لم يُعْطَ فإنه يصبر ولا يسخط، ويرضى بقضاء الله وقدره؛ لأنه يعمل لله ويرجو ثواب الآخرة.

فالمؤمن سواء عنده أُعطي من مطامع الدنيا شيئًا أو لم يُعْطَ، لا يَنقص ذلك من عمله شيئًا؛ لأنه يحب الله ورسوله، فيعمل ابتغاء مرضاة الله، ويتجنب ما سَخِط الله.

مثل ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، كانوا لا تهمهم الدنيا، فيجاهدون لله عز وجل، لكن إذا أُعطوا شيئًا أخذوه؛ لأن الله أباحه لهم، وإن لم يُعْطَوا ما نقص بذلك من عملهم شيء، ومحبتهم لله ولرسوله باقية، لا ينقصها أنهم لم يُعْطَوا شيئًا من الدنيا.


الشرح