والله عز وجل يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ﴾ أي: عن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مذكور في
أول الآية: ﴿لَّا تَجۡعَلُواْ
دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ
ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ
عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
* ثم فَسَّر رحمه الله الفتنة فقال: «أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رَد بعض قوله» أي: قول
الرسول صلى الله عليه وسلم «أن يقع في
قلبه شيء من الزيغ فيَهلِك» فمَن رَد قول الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيح،
وأَخَذ برأي غيره مما يخالف الحديث؛ فإنه مُتوعَّد بأن يقع شيء من الزيغ في قلبه.
وهذا في قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا
زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ﴾ [الصف: 5]. وقال في
المنافقين: ﴿صَرَفَ ٱللَّهُ
قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ﴾ [التوبة: 127] أي:
صَرَف الله قلوبهم عن اتباع الحق لما انصرفوا عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم
وعن القرآن. وقال عز وجل: ﴿وَنُقَلِّبُ
أَفِۡٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ﴾ أي: بالحق ﴿أَوَّلَ مَرَّةٖ
وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ﴾ [الأنعام: 110].
فمَن بَلَغه الحق وجب عليه أن يأخذ به، فإن لم يأخذ به فإنه مُتوعَّد بأن
يَقلب الله قلبه وبصره عقوبة له.
هذا هو الزيغ الذي قاله الإمام أحمد رحمه الله.
فإذا كان مَن أخذ بقول سفيان الإمام الجليل واجتهاده، وتَرَك الدليل الثابت
عن النبي صلى الله عليه وسلم - متوعدًا بهذا الوعيد، فكيف بمن أَخَذ بقول غيره ممن
هو دونه؟!