بالدليل. وهذا يدل على أن
الاجتهاد يبقى، وأن الله يقيض في كل زمان وفي كل جيل من الأئمة مَن يجدد هذا الدين.
ثم قال المصنف رحمه الله: «وحَكَى
ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد لا يكون من أهل العلم» الذي لا يَعرف
الأدلة وإنما يأخذ أقوال العلماء، فهذا ليس من أهل العلم، إنما هو مقلد. ويكون
الرجل من أهل العلم إذا كان يعرف القول بدليله، ويعرف الراجح والمرجوح. أما الذي
يَنقل أقوال العلماء، ولا يدري عن أدلتهم، ولا يميز الراجح من المرجوح؛ فهذا ليس
عالمًا، هذا يعتبر مقلدًا.
والإمام أبو حنيفة رحمه الله هو أول الأئمة الأربعة؛ لأنه أدرك
التابعين، وقيل: إنه أدرك بعض الصحابة. فهو أقدم الأئمة الأربعة.
قال رحمه الله: «إذا جاء الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء الحديث عن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء الحديث عن التابعين فهم
رجال ونحن رجال»، يعني: أنه لا يُقَدِّم شيئًا على قول الرسول صلى الله عليه
وسلم، ولا يُقَدِّم شيئًا على قول الصحابة؛ لأنهم تلاميذ الرسول صلى الله عليه
وسلم وأخذوا عنه.
فلا يُعارَض قول الصحابي بقول التابعي أو مَن بعده. ولكن الصحابة إذا
اختلفوا يُنظر في قولهم، ويُتبع الدليل مع مَن كان معه. وإذا لم يختلفوا فإجماعهم
حجة. وإذا لم يَظهر للصحابي مخالف من الصحابة فإن قوله حجة أيضًا.