«العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال
والأقوال، الظاهرة والباطنة»، فهي ليست مقصورة على
الركوع والسجود والدعاء... وغير ذلك.
قال: «لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ» أي:
لسنا نركع لهم ونسجد لهم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونُهُ، ويُحِلُّونَ
مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟» قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ».
فهذا فيه دليل على أن الطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحلال شرك.
وفي هذا مطابقة الآية للترجمة: «باب مَن أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه،
فقد اتخذهم أربابًا من دون الله»، أي: عَبَدهم من دون الله بإشراكه لهم في
الطاعة، على التفصيل الذي ذكرناه أولاً، أنه قد يكون شركًا أكبر، وقد يكون شركًا
أصغر، وقد يكون صاحبه معذورًا.
قال الشيخ رحمه الله في مسائل هذا الباب: «فصار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، ويسمونها: الولاية»
العبادة هي أفضل الأعمال؛ ولذلك إذا مات مَن يَدَّعُون له الولاية بَنَوْا على
قبره بنية، وصاروا يعبدونه ويذبحون به وينذرون له؛ ما كفاهم أنهم كانوا يطيعونه
حين كان حيًّا، بل لما مات بَنَوْا على قبره، وغَلَوْا فيه، وصاروا يصرفون له
العبادة، والعياذ بالله. هذا أشد ممن قال الله فيهم: ﴿اتَّخَذُوا
أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾؛ لأن ذاك في طاعتهم
في تحليل الحرام وتحريم الحلال.