قال الله عز وجل: ﴿وَلَا
تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ بالمعاصي والكفر والشرك ﴿بَعۡدَ
إِصۡلَٰحِهَاۚ﴾ بإرسالها الرسل وإنزال الكتب والطاعات. فصلاح الأرض هو
بهذه الأمور: بالحكم بما أَنزل الله، وبترك الذنوب والمعاصي، وبلزوم الطاعات،
وباتباع الرسل. هذا صلاح الأرض.
وقد كان الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يعيشون في فساد، وفي ظلام
دامس، وفي شرك وتخبط، في جميع أقطار الأرض؛ فلما بَعَث الله محمدًا صلى الله عليه
وسلم أضاء الله الأرض بالتوحيد والشريعة والطاعة لله ولرسوله، فعَمُرت الأرض
وصلحت.
فبعد أن أصلح الله الأرض ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد أن يتبع
غير شريعة محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، عليه الصلاة والسلام.
وكل مَن دعا إلى ما يخالف الشرع فهو من المفسدين في الأرض، وإن زعم أنه من
المصلحين، وأنه يريد التقدم والحضارة والرقي... إلى آخره؛ لأن أمور الدين ليس فيها
تغيير ولا تبديل. أما أمور الدنيا والصناعات والأشياء هذه، فلا بأس أن يأخذ الناس
بأحسنها وأصلحها في كل زمان. أما أمور العبادات وأمور الشريعة، فلا يجوز تغييرها
أو استبدالها بغيرها؛ لأنها صالحة لكل زمان ولكل مكان.
فصلاح الأرض لا يكون إلا بأمرين:
الأمر الأول: عبادة الله وحده لا شريك له، وتَرْك عبادة ما سواه.
الأمر الثاني: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتَرْك الاتباع
والاقتداء بغيره.
فمَن أَمَر بمعصية فلا سمع له ولا طاعة؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في