×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: وقوله: ﴿أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ الآية قال ابن كثير: ينكر تعالى على مَن خرج عن حكم الله عز وجل، المشتمل على كل خير، والناهي عن كل شر، وعَدَل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله. كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الجهالات والضلالات. وكما يَحكم به التتار، من السياسات المأخوذة عن جنكيز خان، الذي وَضَع لهم كتابًا مجموعًا من أحكام، اقتبسه من شرائع شتى، وفيها كثير من الأحكام أَخَذها عن مجرد نظره، وصار في بنيه شرعًا يقدمونه على الحكم بالكتاب والسُّنة. ومَن فَعَل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم بسواه في قليل ولا كثير.

قوله: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ [المائدة: 50] استفهام إنكار، أي: لا حُكْم أحسن من حكمه. وهذا من باب استعمال «أفعل التفضيل» فيما ليس له في الطرف الآخر مُشارِك. أي: ومَن أعدل من الله حكمًا لمن عَقَل عن الله شرعه، وآمن وأيقن أنه عز وجل أحكم الحاكمين وأرحم بعباده من الوالدة بولدها، العليم بمصالح عباده، القادر على كل شيء، الحكيم في أقواله وأفعاله، وشرعه وقَدَره.

**********

لما أَمَر الله سبحانه وتعالى أهل التوراة بالحكم بالتوراة التي أنزلها على موسى، وأَمَر أهل الإنجيل بالحكم بالإنجيل الذي أنزله على عيسى، وأَمَر المسلمين بالحكم بالقرآن؛ قال: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ ٤٩أَفَحُكۡمَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ يَبۡغُونَۚ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ ٥٠ [المائدة: 49- 50].


الشرح