×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

وإن كان بخلاف ذلك، أو في بعض أحواله أو أكثرها، انتفى عنه من الإيمان كماله الواجب، فيُطلَق عليه مؤمن بقيد؛ لنقص إيمانه بالمعصية، كما في حديث أبي هريرة: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ([1]).

فيكون مسلمًا ومعه مطلق الإيمان الذي لا يصح إسلامه إلا به. وهذا هو التوحيد الذي لا يشوبه شرك ولا كفر.

وهذا هو الذي يذهب إليه أهل السُّنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة، فإن الخوارج يُكفِّرون بالذنوب، والمعتزلة لا يطلقون عليه الإيمان، ويقولون بتخليده في النار. وكلتا الطائفتين ابتدع في الدين، وتَرَك ما دل عليه الكتاب والسُّنة.

وقد قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]، فقَيَّد مغفرة ما دون الشرك بالمشيئة.

وتواترت الأحاديث بما يحقق ما ذهب إليه أهل السُّنة، فقد أخرج البخاري وغيره عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ» ([2]).

**********

هذا الحديث ذكره النووي رحمه الله في «الأربعين النووية»، وقال: «رُوِّيناه في كتاب الحُجة»، يعني: قرأنا هذا الحديث في كتاب


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2475) ومسلم رقم (57).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (44) ومسلم رقم (193).