×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 «الحُجة على تارك المَحَجَّة»، وهو كتاب أَلَّفه أبو الفتح نصر بن إبراهيم الشافعي، وهو كتاب جيد وقَيِّم، يَرُد فيه على المبتدعة وأصحاب المقالات الباطلة في العقيدة، وهو مطبوع الآن ومحقق، وفيه هذا الحديث.

قوله: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ...» ليس نفيًا لأصل الإيمان، وإنما هو نفي لكمال الإيمان، أي: لا يَكمل إيمان أحدكم.

لأنه قد يأتي نفي الإيمان ويراد نفي الإيمان الكامل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» ([1])، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ([2]).

فالمراد بهذا: نفي الإيمان الكامل، لا نفي مطلق الإيمان، فإن الفاسق يكون معه من الإيمان ما يصح به إسلامه. أما الذي ليس معه إيمان أصلاً، فهذا كافر خارج من الملة.

وهذا مذهب أهل السُّنة والجماعة: أن الفاسق لا يُسْلَب مطلق الإيمان، ولا يُعْطَى الإيمان المطلق، فلا يُسْلَب مطلق الإيمان بحيث يكون كافرًا كما تقوله الخوارج والمعتزلة، ولا يُعْطَى الإيمان المطلق كما تقوله المرجئة. وإنما يقال: «مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته»، أو يقال: «مؤمن ناقص الإيمان».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (13) ومسلم رقم (45).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2475) ومسلم رقم (57).