لا تريد حكم رسول الله صلى
الله عليه وسلم ؟ فقال المنافق: نعم. حينئذٍ ثبتت ردته، فقَتَله عمر رضي الله عنه،
فأنزل الله هذه الآية: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى
ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ
أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ﴾ [النساء: 60].
وعلى كل حال، سواء نزلت في السبب الأول، أو في السبب الثاني، أو فيهما
جميعًا؛ لأن الآية يمكن أن يكون لها أكثر من سبب، فتكون الآية نزلت في الاثنين.
والمنافق إذا ظهر منه ما يعارض الكتاب والسُّنة وجب قتله دفعًا لشره.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين كعبد الله بن أُبَي وغيره
درءًا للمفسدة؛ لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يَقتل أصحابه. فالرسول صلى الله عليه
وسلم ارتكب أخف المفسدتين وهي ترك قتله لدفع أعلاهما وهو قول الناس: محمد يَقتل
أصحابه.
هذا وجه كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين مع عداوتهم لله
ولرسوله؛ لأنه خَشِي من مفسدة أكبر.
فدلت هذه النصوص في هذا الباب العظيم - على أحكام عظيمة:
أولاً: في الآيات والحديث دليل على وجوب التحاكم إلى كتاب الله وسُنة رسوله صلى
الله عليه وسلم، وأن هذا هو مقتضى الإيمان.
ثانيًا: وجوب تحكيم الكتاب والسُّنة في كل المنازعات، لا في بعضها دون بعض، فيجب
تحكيمها في أمر العقيدة، وهذا أهم شيء، وفي المنازعات الحقوقية بين الناس، وفي
المنازعات المنهجية