قال العلامة ابن القيم:
«هذا دليل على أن مَن دُعِي إلى تحكيم الكتاب والسُّنة فأبى - أنه من المنافقين».
قلتُ:
فما أَكثرَهم، لا كَثَّرهم الله!
قال:
﴿يَصُدُّونَ﴾ لازم، وهو بمعنى
يُعْرِضون؛ لأن مصدره ﴿صُدُودٗا﴾، فما أَكثرَ مَن
اتصف بهذا الوصف، خصوصًا مَن يَدَّعِي العلم، فإنهم صَدُّوا عما توجبه الأدلة من
كتاب الله وسنة رسوله - إلى أقوال مَن يخطئ كثيرًا، ممن يَنتسب إلى مذهب من مذاهب
الأربعة، في تقليدهم مَن لا يجوز تقليده فيما يخالف الدليل.
فصار
المتبع للرسول صلى الله عليه وسلم من أولئك غريبًا، وقد عَمَّت البلوى بهذا.
**********
قال الشيخ رحمه الله: «باب قول الله
تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى
ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ
أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ
أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦ﴾ إلى قوله عز وجل: ﴿فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ
لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ
تَسۡلِيمٗا﴾ [النساء: 60- 65] ».
هذه الآيات في سورة النساء في موضوع التحاكم إلى غير شرع الله سبحانه
وتعالى.
وهذا الباب مثل الباب الذي قبله في طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حَرَّم
الله أو تحريم ما أحل الله، إلا أن الباب الذي قبله عام، وهذا خاص في الحكم بين
الناس في الخصومات.