×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 النزاع بينهم، وهو حُكم عَدْل؛ لأنه حكم رب العالمين لا يجور أبدًا، وبه يقتنع الناس وتزول خصوماتهم.

ولما رأى المنافقون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عزة الإسلام وقوته، وأنهم لا حيلة لهم في التخلص منه؛ لجئوا إلى النفاق، فأظهروا الإسلام وهم باقون على الكفر في باطن أمورهم، وهم لا يريدون التحاكم إلى ما أَنزل الله، إنما يحاولون جاهدين التخلص منه، فأَنزل الله فيهم هذه الآيات لمَّا بدر منهم رغبة عن شرع الله وعدم الرضا بالحكم بما أَنزل.

وهذه حالهم على مر العصور، يهربون من الحكم بشريعة الله، ويريدون التحاكم إلى غيرها من الأنظمة والقوانين، والعوائد القَبَلية وأحكام الجاهلية، والتحاكم إلى الكهان، كما كانوا في الجاهلية يريدون هذه الأمور، يتهربون من حكم القرآن وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم.

قوله: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦ هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، والهمزة للاستفهام التقريري، أي: قد رأيتَ ما صنعه المنافقون، أنهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت.

والطاغوت: المراد به الحكم بغير ما أنزل الله. فكل حُكْم بغير ما أنزل الله فهو حكم الطاغوت، سواء سُمي قانونًا، أو سُمي نظامًا، أو سُمي عادات قَبَلية... أو غير ذلك، كله طاغوت.


الشرح