مأخوذ من الطغيان، وهو
مجاوزة الحد، فالذي يَحكم بغير ما أنزل الله قد تجاوز الحد الذي هو الشرع، أي: خرج
عن الحد الشرعي، فيسمى طاغوتًا، من الطغيان؛ لأنه طغى وخرج.
والله عز وجل أَمَر بالكفر بالطاغوت، والإيمان بالله، قال عز وجل: ﴿فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ
وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ﴾ [البقرة: 256].
وهذا هو معنى «لا إله إلا الله»:
الكفر بالطاغوت والإيمان بالله. فلا يصح لأحد إيمان إلا إذا كفر بالطاغوت. أما إذا
قال: «دع الناس على هواهم، يتحاكمون إلى
الشرع، أو يتحاكمون إلى القانون، أو يتحاكمون إلى عادات» فهذا حكمه حكم
المنافقين الذين رَغِبوا عن شرع الله.
قوله: ﴿يُرِيدُونَ أَن
يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦ﴾ لكنهم لم يكفروا به
لما أرادوا التحاكم إليه، فمعناه أنهم لم يكفروا به.
﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ
يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾ الشيطان الذي هو رأس الطواغيت؛ كما قال ابن القيم
رحمه الله: «الطواغيت كثيرون، ورءوسهم
خمسة: إبليس لعنه الله، ومَن عُبِد وهو راضٍ، ومَن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومَن
ادعى شيئًا من علم الغيب، ومَن حَكَم بغير ما أَنزل الله».
هذا الشيطان الذي هو رأس الطواغيت يريد أن يُبعدهم
عن الحق؛ لأنه لا يريد لبني آدم الخير أبدًا، بل يريد أن يخرجهم من الخير إلى
الشر، ﴿وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا﴾ وليس ضلالاً قريبًا،