×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: قال علي: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُرِيدُونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!» ([1]): وهذا - والله أعلم - قاله حين كَثُر القُصََّاص في خلافته، وصاروا يَذكرون أحاديث ليست من الأحاديث المعروفة؛ ولهذا كَثُر الوضع بهذا السبب.

وغير المعروف يحتمل أن يكون فيه ما يصح وفيه ما لا يصح، فإذا سمعه مَن لم يعرفه أنكره، وربما كان حقًّا.

فلا ينبغي التحديث إلا بما صح وثبت واشتهر عند المحدثين والفقهاء. وما ليس كذلك فلا ينبغي أن يُحَدََّث به؛ لاحتمال أن يكون غير صحيح.

وقد كان أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ينهى عن القَصَص؛ لما فيه التساهل في النقل، ويقول: «لاَ يَقُصُّ إِلاَّ أَمِيرٌ، أَوْ مَأْمُورٌ» ([2]).

**********

 في هذا الأثر عن علي رضي الله عنه يأمر الوعاظ والقُصَّاص، يسمونهم الوعاظ ويسمونهم القُصَّاص؛ لأنهم يَقصون على الناس، ويأتون بالأخبار؛ لأجل التخويف والترغيب والترهيب. فالقُصاص لا يتحاشَون من ذكر الأخبار، سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة؛ لأنهم يريدون التأثير دون نظر إلى صحة الأخبار أو عدم صحتها، فكل ما سمعوا أو قرءوا يذكرونه في مواعظهم وتذكيرهم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (127).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3665)، والدارمي رقم (2821)، وأحمد رقم (6715)، والطبراني في الكبير رقم (140).