فهو صلى الله عليه وسلم أعظم نعمة أنعم الله بها على أهل الأرض عمومًا،
وعلى المؤمنين خصوصًا.
الثاني: أن المراد بالنعمة جميع ما ذكره الله في هذه السورة؛ لأن المفرد إذا أضيف
يعم، فيكون معنى الآية: ﴿يَعۡرِفُونَ
نِعۡمَتَ ٱللَّهِ﴾ أي: نِعَم الله، ﴿ثُمَّ
يُنكِرُونَهَا﴾ أي: يعرفونها في قلوبهم وفي قرارة أنفسهم، وينكرونها
بألسنتهم.
فمنهم مَن يقول: هذه من عند أصنامنا، أو من عند آبائنا، أو هذه بحولنا
وقوتنا... أو ما أشبه ذلك، فيضيفونها إلى غير الله عز وجل:
إما إلى آبائهم وأجدادهم؛ كقول القائل: ورثت هذا المال كابرًا عن كابر.
أو إلى أصنامهم، فينسبون إليها نعمة الولد، وإنزال المطر، وشفاء المريض...
ونحو ذلك.
أو إلى كدهم وكسبهم هم، فيقولون: ما حصل لنا هذا إلا بمعرفتنا وحِذقنا
وكَدنا!! كما قال قارون: ﴿إِنَّمَآ
أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ﴾ [القصص: 78] أي: على معرفة
مني بوجوه المكاسب.
وأيًّا كان وجه إضافة النعمة إلى غير الله، فإنه كُفْر بنعمة الله، وهو كفر
بالربوبية وشرك بالله عز وجل؛ لأنهم جعلوا هذه الأشياء مُشارِكة لله في خلقه.
فهذه الآية ساقها المصنف في هذه الترجمة؛ لأن نسبة النعم إلى غير الله
تَنَقُّص للرب سبحانه وتعالى، وشرك يُخِل بالتوحيد وينقصه، وقد يضاد التوحيد!!