أما الواو فهي لمطلق الجمع، لا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا، وإنما تقتضي
التشريك.
فقول القائل: «جاء فلان وفلان»،
أي: اشتركا في المجيء، ولا ميزة لأحدهما على الآخر في التقدم أو التأخر. لكن لو
قال: «جاء فلان ثم فلان»، عَلِمنا أن
مجيء أحدهما سبق مجيء الثاني، ولم يحصل بينهما اشتراك في المجيء. هذا مقتضى اللغة.
كذلك في المشيئة، تقول: «ما شاء
الله ثم شئتَ»؛ لأن العبد له مشيئة، لكنها لا تكون إلا بعد أن يشاء الله عز
وجل، قال عز وجل: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ
إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29].
وفي هذا رَدٌّ على الجبرية الذين يقولون: إن العبد ليس له قدرة ولا مشيئة،
وأفعاله إنما هي كحركة المرتعش، أو كالريشة في مهب الريح، أو بمنزلة حركة أغصان
الشجر.
وما أَحْسَنَ قولَ ابن القيم رحمه الله حين وصف مذهب الجبرية في نفي مشيئة
العباد، حيث يقول:
فالجبر يُشهِدك الذنوب جميعها **** مِثلَ ارتعاش الشيخ
ذي الرَّجَفانِ
لا فاعل أبدًا ولا هو قادر **** كالميت أُدرِج داخل
الأكفانِ
لكن الله سبحانه وتعالى أثبت للعباد مشيئة في قوله: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ
أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾.
لكن لا تَجمع بين مشيئة المخلوق ومشيئة الخالق بالواو - بقولك: «ما شاء الله وشئتَ»؛ لأن في هذا إشراكًا
للمخلوق مع الخالق. ولكن