×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([1]) رواه الترمزي وحسنه، وصححه الحاكم: يحتمل أن يكون شكًّا من الراوي. ويحتمل أن تكون «أو» بمعنى «الواو»، فيكون قد كفر وأشرك، ويكون من باب كفر دون كفر.

**********

 قوله: «عن عمر» الصحيح أنه عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قوله: «فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» يحتمل أن الراوي شك: هل قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «كَفَر»، أو قال: «أشرك»؟» ويحتمل أَنَّ هذا أصل الحديث، وأن الحالف بغير الله يحصل منه الأمران: الكفر والشرك، لكنه شرك أصغر وكفر أصغر لا يُخْرِجان من الملة، إلا إذا عُظِّم المخلوق مثلما يُعظَّم الخالق، فحينئذٍ يكون شركًا أكبر.

مثل ما عليه عُبَّاد القبور، فإنهم يحلفون بالله ويَكذبون، ولكن لا يحلفون بالقبور إلا وهم صادقون؛ لأنهم يخافون من القبور أن تصيبهم بسوء. فإذا قيل له: «احلف بالله» بادر إلى الحلف. وإذا قيل له: احلف بمن تعظمه من الموتى - كالبدوي أو الحسين - ينتفض ولا يستطيع أن يتكلم؛ لأنه يخشى أن يصيبه بأذى! فهذا شرك أكبر بلا شك.

وهنا قد يَرِد سؤال، وهو: كيف يمكن الجمع بين ما جاء في بعض الأحاديث من الحلف بغير الله؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ» ([2])، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ»؟


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (11).