قوله:
وقال ابن مسعود: «لأَِنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ
أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا» ([1]): ومن المعلوم أن الحلف
بالله كاذبًا من الكبائر، لكن الشرك أكبر من الكبائر وإن كان أصغر، كما تقدم.
**********
الحلف بالله كاذبًا كبيرة من كبائر
الذنوب؛ لأنه كذب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ» ([2])؛ لأن من تعظيم الله
عز وجل أَلاَّ يحلف به وهو كاذب.
فالحلف بالله كاذبًا سيئة وكبيرة من كبائر الذنوب، لكنه أخف من سيئة الشرك
التي هي الحلف بغير الله. فهما سيئتان، لكن الأولى سيئة كذب، والثانية سيئة شرك،
وسيئة الكذب أخف من سيئة الشرك. فهذا يدل على أن الشرك الأصغر أكبر من كبائر
الذنوب، أكبر من الكذب.
فابن مسعود رضي الله عنه من فقهه يرى أن الحلف بالله كاذبًا أحب إليه من أن
يحلف بغير الله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «لأن الحلف بغير الله شرك، والحلف بالله توحيد، وتوحيد معه كذب خير من شرك
معه صدق».
فإذا قارنت بينهما وجدت أن سيئة الكذب أخف من سيئة الشرك، هذا وجه قول ابن
مسعود رضي الله عنه.
ولا يعني ذلك أن يتساهل الإنسان في الحلف بالله كاذبًا؛ لأن الكذب من كبائر الذنوب، لكن هذا من باب المقارنة لأجل بيان عِظَم أمر الشرك بالله وأنه ذنب لا يعدله ذنب.
([1]) أخرجه: عبدالرزاق في مصنفه رقم (15929).