قوله:
وعن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَقُولُوا مَا
شَاءَ اللَّهُ، وَشَاءَ فُلاَنٌ، وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ
فُلاَنٌ» ([1]) رواه أبو داود
بسند صحيح: وذلك لأن العطف بالواو يقتضي المساواة؛ لأنها في وضعها لمطلق الجمع،
بخلاف «الفاء» و «ثم». وتسوية المخلوق بالخالق بكل نوع من العبادة شرك، وهذا ونحوه
من الشرك الأصغر.
**********
هذا توجيه من الرسول صلى الله عليه
وسلم، ونَهْي عن العطف بالواو بين مشيئة الخالق ومشيئة المخلوق، وأَمْر بالعطف بـ «ثم»؛ لأن الواو تقتضي التشريك
والمساواة، وأما «ثم» فإنها تقتضي
الترتيب والتعقيب، وبذلك يبعد الإنسان عن الشرك؛ لأن العبد له مشيئة ولكن مشيئته
بعد مشيئة الله عز وجل، قال عز وجل: ﴿وَمَا
تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29]،
فهذه الآية تُصَدِّق قول القائل: «ما شاء
الله ثم شئتَ».
فالحمد لله الذي جعل لنا بدائل صحيحة نتخاطب بها، وتغنينا عن الألفاظ
الشركية!
وهذا يوجب على المسلم أن يتعلم التوحيد وأنواعه، ويتعلم الشرك وأنواعه؛ حتى
يتبع التوحيد ويتجنب الشرك.
فلا تكفي معرفة التوحيد بدون معرفة الشرك، بل لابد من الأمرين، والله عز وجل يقول: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36]، ويقول: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ فَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَاۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256]، ويقول: ﴿يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [النور: 55]، لابد أن تعرف الطاغوت وتعرف الكفر وتعرف الإيمان بالله. ولا يكفي أن تعرف الحق فقط، بل لابد أن تعرف أيضًا ما يضاد الحق من أجل أن تتجنبه.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4980)، وأحمد رقم (23654).