ثم أيضًا: البراري القاحلة البعيدة، التي ليس فيها ماء ولا حولها مياه،
يسوق الله عز وجل إليها السحاب فتمطرها فتنبت، وتُمسك الماء فيشرب الناس.
مَن الذي فعل هذا؟ هل فعلته الأصنام؟! هل فعلته القبور والأضرحة؟! حاشى
وكَلاَّ، إنما أنزله الله سبحانه وتعالى، وإذا شاء حبسه.
قوله: ﴿فَأَخۡرَجَ بِهِۦ
مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ﴾ جميع الثمرات والنباتات
بأنواعها وأشكالها التي لا يعلمها ولا يحصرها إلا الله سبحانه وتعالى - تَنبت من
ماء واحد ومن تربة واحدة، وهي مختلفة في الطعوم والروائح والألوان!
مَن الذي خلقها؟ لا أحد ينكر أن الله سبحانه هو الذي خلقها وفاوت بينها،
قال عز وجل: ﴿وَفِي ٱلۡأَرۡضِ
قِطَعٞ مُّتَجَٰوِرَٰتٞ وَجَنَّٰتٞ مِّنۡ أَعۡنَٰبٖ وَزَرۡعٞ وَنَخِيلٞ صِنۡوَانٞ
وَغَيۡرُ صِنۡوَانٖ يُسۡقَىٰ بِمَآءٖ وَٰحِدٖ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ
بَعۡضٖ فِي ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ﴾ [الرعد: 4].
مَن الذي فاوت بينها وفَرَّق بينها، مع أن الماء واحد والتربة واحدة؟! هذه
قدرة الله سبحانه وتعالى.
قوله: ﴿فَأَخۡرَجَ بِهِۦ
مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ﴾ الله عز وجل قادر على أن
يمنع النبات أن يَنبت، ويمنع الأشجار أن تثمر، فمِن أين يأكل الناس؟ لكن بقدرته
ورحمته أنبت الأشجار وأخرج الثمار للناس.
لما ذَكَر الأدلة على توحيده، نهى عن الشرك فقال: ﴿فَلَا
تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾، والأنداد:
جمع نِد، وهو الشبيه والنظير والعديل. لا أحد يشابه الله، ولا أحد يعادل الله، ولا
أحد يماثل