اتفقت كلمة اليهود والنصارى على إنكار هذه الكلمة، والرسول صلى الله عليه
وسلم أنكرها أيضًا وأقر اليهود والنصارى على أن هذه الكلمة شرك، لكنه شرك في
الألفاظ، وهو شرك أصغر لا يُخْرِج من الملة.
ولكن لا يُتهاون بالشرك ولو كان أصغر، ولو كان بالألفاظ، بل لابد من تركه
وإنكاره، إذا سمعتَ مَن ينطق به، لا يكفي أن تقول: «هذا شرك أصغر» وتسكت، بل يجب عليك الإنكار.
ثم إن طُفَيْلاً لما أصبح حَدَّث بهذه الرؤيا؛ لأنها عجيبة، ثم جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل أَخبرتَ بها أحدًا؟» قلت: نعم. قال: «فحَمِد الله وأثنى عليه»، ثم إن النبي
صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه، وهذه سُنته صلى الله عليه وسلم أنه كان
يبدأ بالحمد لله والثناء على الله، ثم يذكر الغرض الذي أراد أن يتكلم به.
ثم قال: «أما بعد» هذه الكلمة يؤتى
بها إذا أراد المتكلم أن يفتتح الموضوع الذي تكلم من أجله؛ ولذلك تسمى «كلمة فَصْل»، وقيل في قول الله عز وجل: ﴿وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ
وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ﴾ [ص: 20]: إن فصل الخطاب هو قول: أما بعد.
قال: «فإن طُفَيْلاً رأى رؤيا
وأخبر بها مَن أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة» وهي قول: «ما شاء الله وشاء محمد»، «كان
يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها» ما الذي منع النبي صلى الله عليه وسلم أن
ينهاهم عنها؟ قيل: الذي منعه حياؤه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم ينزل عليه فيها
وحي، وإلا لو نزل عليه فيها وحي لصدع بها ولم يمنعه الحياء.