×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 قوله: «وَإِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ»: والعبد وإن كانت له مشيئة فمشيئته تابعة لمشيئة الله؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29].

وفي هذه الآية والحديث الرد على القدرية والمعتزلة نفاة القَدَر، الذين يُثبتون للعبد مشيئة تخالف ما أراده الله من العبد وما شاءه، وقد قال عز وجل: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ [القمر: 49]، وقال عز وجل: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا [الفرقان: 2]، وفي الحديث: «أَوَّل مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَم، ثُمَّ قَالَ اُكْتُبْ، فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة»، وهو في الصحيحين وغيرهما ([1]).

**********

هذا الباب من جنس الأبواب السابقة، وهو في الشرك الأصغر، وقد جاء النهي عنه مجملاً في قوله عز وجل: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ [البقرة: 22]. والمصنف رحمه الله فَصَلها عن هذه الأبواب؛ لأن ابن عباس فسرها بعدة أشياء، منها: الحلف بغير الله، وما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، وحياتك وحياتي.

فالمصنف فَصَّل هذه الأشياء في أبواب، فجَعَل الحلف بغير الله في باب، وجَعَل مَن لم يقنع بالحلف بالله في باب، وجَعَل قول: «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ...» إلى آخره في باب، وهذا من باب التفصيل لهذه الأمور.

قوله: «باب قول: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ» يعني: أنه لا يجوز قول: «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ»، بالواو؛ لأن الواو تقتضي التشريك، وهذا من الشرك في الألفاظ، وهو شرك أصغر لا يُخْرِج من الملة.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4700)، والترمذي رقم (2155)، وأحمد رقم (22705)، والطيالسي رقم (578).