×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

والكعبة بيت الله، أَمَرنا سبحانه أن نستقبلها في الصلاة، ونطوف بها، وندعو الله عندها. أما أن نطلب منها قضاء الحاجات، أو نستغيث بها، أو نعتقد أنها تعطي وتمنع، وأنها تُدَبِّر؛ فهذا شأن المشركين.

فأَمَرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «وَرَبِّ الْكَعْبَةِ»، هذا هو البديل الصحيح؛ لأن رب الكعبة هو الله، وهو سبحانه رب كل شيء. والكعبة بيت الله، أضيفت إليه إضافة تشريف وتكريم، من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، مثل: ناقة الله، وبيت الله، ورسول الله.

وفي هذا الحديث: دليل على أن الإنسان إذا كان له هوى فإنه يفهم الحق من أجل أن يعير خصمه به، ويَعْمَى عما عنده من العيوب، فهو يرى عيوب الناس ولا يرى عيب نفسه.

فاليهود لم يروا عيوب أنفسهم، ولاحظوا على المسلمين هذه الكلمة: «وَالْكَعْبَةِ»، و «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ»؛ لأن لهم هوى، يتصيدون على المسلمين الأخطاء.

وهذا دأب أهل الضلال دائمًا وأبدًا، تجدهم يتصيدون الأخطاء على أهل الخير وإن كانت صغيرة، ويَنْسَون العيوب التي عندهم وإن كانت كبيرة؛ لأن الهوى أعماهم عن عيوبهم وذَكَّرهم بعيوب الآخرين.

وفيه أيضًا: أن الذي يَنْهَى عن شيء، يأتي له ببديل صالح إذا أمكن، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن قول: «وَالْكَعْبَةِ»، أمرهم أن يقولوا: ورَبِّ الكعبة. هذا هو البديل الصحيح، ولما نهاهم عن قول: «مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ»، قال لهم: «قولوا: مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ شِئْتَ»، فدل على أن الذي ينهى عن شيء، يأتي بالبديل الصحيح كلما أمكن.


الشرح