×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

قوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ:، وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». وفي رواية: «لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ» ([1]):

قال في شرح السُّنة: «حديث متفق على صحته، أخرجاه من طريق مَعْمَر من أوجه عن أبي هريرة.

قال: ومعناه أن العرب كانت من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل؛ لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر. فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يصفونها، فنُهُوا عن سب الدهر» ([2])، انتهى باختصار.

ونسبة الفعل إلى الدهر ومَسبته كثيرة في أشعار المُولَّدين؛ كابن المعتز والمتنبي... وغيرهما، وليس منه وصف السنين بالشدة؛ لقوله عز وجل: ﴿ثُمَّ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ سَبۡعٞ شِدَادٞ الآية [يوسف: 48].

قال بعض الشعراء:

إِنَّ الليالي من الزمان مَهُولة **** تُطْوَى وتُنشَر بينها الأعمارُ

فقصارهن مع الهموم طويلة **** وطِوالهن مع السرور قِصارُ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4559)، ومسلم رقم (2246).

([2])  انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 357).