×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 وقال أبو تمام:

أعوامُ وصلٍ كاد يُنسِي طِيبَها **** ذِكرُ النوى فكأنها أيامُ

ثم انبرت أيام هجر أعقبت **** نحوي أَسًى فكأنها أعوامُ

ثم انقضت تلك السِّنونَ وأهلها **** فكأنها وكأنهم أحلامُ

**********

قوله عز وجل في الحديث القدسي: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ» دل على أن الله سبحانه وتعالى يتأذى بأفعال عباده التي يكرهها ويبغضها، ولكنه لا يتضرر بها.

ثم فَسَّر ذلك الأذى بقوله: «يَسُبُّ الدَّهْرَ» والدهر ليس محلًّا للسب؛ لأنه ليس له تأثير فيما يحدث للعباد من أمور يكرهونها، فيكون محل السب هو الله عز وجل؛ لأنه سبحانه هو الذي قَدَّر هذا الأمر الذي يكرهه العبد، وبسببه حصل منه سب الدهر.

قال: «وَأَنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» يعني: أنا الذي خلقتُ الدهر، وأنا الذي أُجري الدهر بما يكرهه الناس!!

ولا يعني ذلك أن الدهر من أسماء الله؛ لأنه فسره بقوله: «أُقَلِّب الليل والنهار»، فلا يجوز أن يؤخذ من هذا الحديث أن الدهر من أسماء الله عز وجل اعتمادًا على قوله: «أَنَا الدَّهْرُ»، بل يُكمَّل إلى قوله: «أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»؛ لأنه يوضح المقصود ويفسره.

فمَن أَخَذ من هذا الحديث أن الدهر من أسماء الله فقد غلط؛ كالإمام ابن حزم رحمه الله، أخطأ في هذا، وعَدَّ الدهر من أسماء الله عز وجل، أخذًا من قوله: «أَنَا الدَّهْرُ»، مع أن آخر الحديث يُفسِّر أوله.

وهكذا الأحاديث التي من أمثال هذا الحديث، والتي يكون فيها شيء مستغرب في أسماء الله وصفاته، يجب أن تُقرأ جميعًا من أولها


الشرح