×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 وفي رواية: «لاَ تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ» هذا نهي، والنهي يقتضي التحريم. وقوله: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ» هذا أيضًا يدل على التحريم؛ لقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا [الأحزاب: 57].

ثم عَلَّل النهي بقوله: «فَإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ»، فمَن سَب الدهر فقد سَب الله سبحانه وتعالى !! وهذا محذور عظيم؛ ولذلك يجب على العبد أن يمسك لسانه عن مَسبة الدهر ومَسبة الأوقات، وأن يسند الأمور إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يحاسب نفسه عما فَرَّط وعما قَصَّر؛ لأنه ما أصابه من شيء إلا بسبب ذنوبه ومعاصيه، فليتب إلى الله عز وجل، وليعلم أن ذلك قَدَرٌ من الله عز وجل، قَدَّره عليه بسبب أفعاله عقوبة له وتنبيهًا له لعله أن يتوب.

قال الشيخ رحمه الله: «ونسبة الفعل إلى الدهر ومَسبته كثيرة في أشعار المُولَّدين» المُولَّدون: الشعراء الذين جاءوا بعد عصر بني أمية، وهم الذين اختلطت لغتهم بالعامية، ولا يُستشهد بأشعارهم لأنها دخلها اللحن؛ مثل: ابن المعتز، والمتنبي، وأبي تمام، والبحتري.

بخلاف شعراء العرب الأصليين، وشعراء الجاهلية، وشعراء عصر بني أمية، هؤلاء يُحتج بأشعارهم في اللغة؛ لأنها لم يدخلها اللحن.

قال: «وليس منه وصف السنين بالشدة» يجوز أن تقول: هذا يوم شديد، وهذا يوم عصيب، وهذه سنة شديدة؛ لأن هذا وصف وليس ذمًّا.


الشرح