وكل هذا محرم ومنهي عنه؛ لأن المطلوب من المخلوق التواضع مع الله سبحانه
وتعالى، وتَجَنُّب ما فيه تزكية للنفس أو تعظيم للنفس. ولأنه يَحمل على الكِبْر
والإعجاب وخروج الإنسان عن طَوْره ووضعه الصحيح.
والتسمي بهذه الأسماء يُخِل بعقيدة التوحيد؛ لأن عقيدة التوحيد تدور على
تنزيه الله عز وجل عن المشابهة والممائلة، فمَن تَسَمَّى باسم لا يليق إلا بالله
على وجه التعاظم، فقد تَشَبَّه بأسماء الله سبحانه وتعالى.
فمثلاً: «قاضي القضاة» هذا لا يليق
إلا بالله عز وجل؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقضي بين الناس يوم القيامة
القضاء النهائي، يقضي بين جميع الخلق، ملوكهم وعامتهم، وعلمائهم وعوامهم. فالقضاء
المطلق هو لله سبحانه وتعالى.
أما القاضي من الناس فإنه لا يقضي بين كل الناس، وإنما يقضي بين فئات قليلة
من الناس، إما في بلد وإما في قضية خاصة.
ثم إن قضاءه قد يكون صوابًا وقد يكون خطأ.
أما قضاء الله عز وجل فلا يكون إلا حقًّا وصوابًا، ولا يتطرق إليه سبحانه
وتعالى خطأ ولا نقص.
فدل ذلك على أن كلمة «قاضي القضاة»
فيها تعظيم زائد، ومنح للمخلوق صفةً لا يستحقها ومرتبة لا يرقى إليها.
فإذا كان هناك قاضٍ كبيرٍ يُرجع إليه في أمور القضاء وتنظيماته ومجرياته،
فالمناسب في حقه أن يقال: «رئيس القضاة»،
ولا يقال: «قاضي القضاة».