×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 كما جاء في الحديث الآخَر: «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ» ([1])، وذلك معاملة لهم بنقيض قصدهم.

قوله: «رَجُلٌ تَسَمَّى» أي: سَمَّى نفسه. وفي رواية: «يُسَمَّى» ([2]) بالياء، أي: سَمَّاه غيره ورَضِي هو بذلك ولم ينكره.

فهذا فيه سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى، وتَعاظُم ورفعة لا يستحقها المخلوق، والله عز وجل يقول: ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ [القصص: 83].

فالمؤمن وإن تولى ومَلَك فإنه لا يريد العلو، وإنما يريد بالوِلاية والمُلْك الإصلاح والعدل بين الناس، فإذا كان هذا قَصْده صار مِن أحب الخلق إلى الله عز وجل.

فلا يُفْهَم من هذا الحديث النهي عن تولي المُلْك، إنما تَوَلِّي السلطة والحكم مطلوب إذا كان القصد الإصلاح، ولا عيب في ذلك، إنما العيب في القصد السيئ: فإن كان قَصْد مَن تَوَلَّى المُلْك العظمة والكبرياء والتجبر صار مهانًا عند الله عز وجل. وإن كان قَصْده الإصلاح والعدل وإقامة الحق في الأرض، صار مأجورًا عند الله سبحانه وتعالى، بل أجره عظيم، ومِن الذين تستجاب دعوتهم عند الله سبحانه وتعالى ولا تُرَد دعوته.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2492)، وأحمد رقم (6677)، والبخاري في الأدب المفرد (557).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2143).