عن أبي شُرَيْح: أنه كان يُكْنَى أبا الحَكَم،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ
الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ؟» فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا
اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ
الْفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحْسَنَ
هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟» قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ
اللَّهِ، قَالَ: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو
شُرَيْحٍ» ([1]).
قوله: عن أبي
شُرَيْح: هو الخُزَاعي، اسمه: خويلد بن عمرو، أسلم يوم الفتح، له عِشرون حديثًا،
اتفقا على حديثين، وانفرد البخاري بحديث.
وعنه: أبو سعيد
المَقْبُري، ونافع بن جُبَيْر، وطائفة.
قال ابن سعد: مات
بالمدينة سنة ثمانٍ وستين.
قوله: «يُكْنَى»،
الكُنْيَة: ما صُدِّر بأب أو أُم ونحو ذلك؛ كأبي محمد. واللقب: ما ليس كذلك؛ كزين
العابدين.
وقوله: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ» أي: هو سبحانه الحَكَم في الدنيا والآخرة، يَحكم بين خلقه في الدنيا بوحيه الذي أنزله على أنبيائه ورسله، وما من قضية إلا وله فيها حُكْم مما أنزله على نبيه من الكتاب والحكمة، لكن قد يَخفى على المجتهد، فإن المجتهدين وإن اختلفوا في بعض الأحكام فلابد أن يكون المصيب فيهم واحدًا، فمَن رَزَقه الله قوة الفَهْم، وأعطاه مَلَكة يقتدر بها على فَهْم الصواب من أقوال العلماء؛ أدرك ما هو الصواب من ذلك.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4599)، واانسائي رقم (5387).