وقوله:
«إِلَيْهِ الْحُكْمُ» في الدنيا والآخرة؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمَا
ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 10]،
وقال: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي
شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾ الآية [النساء:
59]. فالحكم إلى الله هو الحُكْم إلى كتابه، والحكم إلى رسوله هو الحُكْم إليه في
حياته، وإلى سُنته بعد وفاته.
قوله:
«إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ
فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ»: والمعنى -والله أعلم-: أن أبا شريح كان مَرضيًّا
عندهم، يتحرى ما يصلحهم إذا اختلفوا، فيَرْضَون صلحه، فسَمَّوْه حَكَمًا.
وأما
ما يَحكم به الجهلة من الأعراب ونحوهم من سوالف آبائهم وأهوائهم، فليس من هذا
الباب؛ لِما فيه من النهي الشديد، والخروج عن حكم الله ورسوله إلى ما يخالفه؛ كما
قال عز وجل: ﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ
أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [المائدة: 44].
وهذا
كثير، فمِن الناس مَن يَحكم بين الخَصمين برأيه وهواه. ومنهم مَن يتبع في ذلك
سلفه، ويَحكم بما كانوا يحكمون به. وهذا كفر إذا استقر وغلب على مَن تصدى لذلك ممن
يَرجع الناس إليه إذا اختلفوا.
قوله
صلى الله عليه وسلم: «فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟» قَالَ: لِي شُرَيْحٌ،
وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: «فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟» قُلْتُ: شُرَيْحٌ،
قَالَ: «فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ»، فكناه بالكبير، وهو السُّنة، وغَيَّر كنيته بـ
«أبي الحَكَم»؛ لأن الله هو الحَكَم على الإطلاق، ومنه تسمية الأئمة بالحكام،
فينبغي ترك ذلك والنهي عنه لهذا الحديث، وهذا قد حدث في الناس قريبًا..
**********