×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

استَدل المؤلف رحمه الله لهذه الترجمة بهذا الحديث، وهو حديث أبي شُرَيْح، أنه كان يُكْنَى أبا الحَكَم.

والكُنْيَة: ما صُدِّر بأب أو أُم، وتكون للتكريم، مثل: أبو عبد الله، أبو محمد، أبو خالد. ومثل: أم عبد الله، وأم محمد.

أما اللقب: فهو ما أشعر بمدح أو ذم. فيُستعمل لمدح؛ مثل: زين العابدين، وشيخ الإسلام. ويُستعمل لذم؛ مثل: الكذاب، والذميم، وسفيه قومه. ولهذا قال عز وجل: ﴿وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ [الحجرات: 11]، فإذا كان اللقب يُشْعِر بذم وتَنَقُّص للشخص فإنه لا يجوز استعماله.

فهذا الرجل كان يُكْنَى أبا الحَكَم، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك استنكره، وقال: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ»، أي: لا يليق بك أن تتسمى أو تتكنى بهذه الكنية.

هذا هو وجه الشاهد من الحديث للترجمة، أنه لا يجوز للعبد التكني بمثل هذه الكنية؛ لأن الحَكَم هو الله.

فأبو شُرَيْح بَيَّن للنبي صلى الله عليه وسلم السبب في هذه التسمية، وأنه لم يُكَنِّ نفسه بذلك، وإنما الناس هم الذين أطلقوها عليه لسبب، وهو أنه كان إذا اختلف قومه في شيء رجعوا إليه، فحَكَم بينهم، فرَضِي كلا الفريقين بحكمه.

أي: كان يقوم بالإصلاح بين الناس، وهذا أمر طيب؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحْسَنَ هَذَا!».

والله عز وجل يقول في آية سورة النساء: ﴿لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ [النساء: 114]، ويقول عز وجل: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ [الحجرات: 10].


الشرح