×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

فالصلح مطلوب، ولكن الصلح ليس فيه إلزام، وإنما فيه تراضٍ؛ ولهذا قال أبو شُرَيْح: «فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ».

أما الصلح الذي يكون معه إلزام لأحد الطرفين فهذا لا يجوز؛ لأنه ظلم، الصلح يمشي على الرضا والتراضي.

أما الذي يَحكم بين الناس بغير كتاب الله وسُنة رسوله، ويُلزمهم بذلك؛ كالقوانين الوضعية، أو عوائد وسوالف البادية، والعوارف القبلية - فهذا حُكْم بغير ما أنزل الله، وهو من حكم الطاغوت، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ [المائدة: 44].

فلا يجوز الإلزام إلا بما في كتاب الله أو في سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بالذَّهاب إلى القضاة والمحاكم الشرعية.

وقد أنزل الله عز وجل هذا القرآن حاكمًا بين الناس، وشاملاً لجميع منازعاتهم، فما من قضية إلا وفي القرآن حُكْمها، ولكن الناس قد لا يدركون هذه الأحكام من القرآن ولا يتوصلون إليها، وإلا فالقرآن في حد ذاته شامل لجميع ما يتنازع فيه الناس، قال عز وجل: ﴿وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا [الفرقان: 33]، لكن أفهام الناس تختلف.

لكن الواجب على الحكام والعلماء الاجتهاد، فمَن أصاب فله أجران، ومَن أخطأ فله أجر واحد؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» ([1])، وخطؤه مغفور؛ لأنه لم يتعمد الخطأ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7352)، ومسلم رقم (1716).