وقال شيخ الإسلام رحمه
الله تعالى: «وقد أمره الله أن يقول: ﴿لَا تَعۡتَذِرُواْ
قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ﴾، وقول مَن يقول: «إنهم
كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولاً بقلوبهم» لا يصح؛ لأن الإيمان باللسان
مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يقال: «قد كفرتم بعد إيمانكم» فإنهم لم يزالوا
كافرين في نفس الأمور، وإن أريد: «إنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان» فهم لم
يُظهِروا للناس إلا لخواصهم، وهم مع خواصهم ما زالوا كذلك، ولا يدل اللفظ على أنهم
ما زالوا منافقين» اهـ..وفيه بيان أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها، أو عمل
يعمل به. وأشدها خطرًا إرادات القلوب، فهي كالبحر الذي لا ساحل له. ومن هذا الباب
الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله.
**********
هذا باب عظيم في بيان حكم مَن
استهزأ بالله أو برسوله أو بأمور الدين والشريعة، سواء في ذلك أكان هازلاً أم
جادًّا.
قوله: «باب مَن هَزَل»، الهَزْل:
ضد الجِد، ومعناه: اللعب والمزح، «مَن
هَزَل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول» أي: لو استهزأ بالله، أو
بالقرآن فضحك من آياته من باب السخرية أو من باب التنقص، أو استهزأ بالرسول صلى
الله عليه وسلم وتَنَقَّصَه، أو تَنَقَّص سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فما حُكْم مَن فَعَل هذه الأشياء؟
المصنف رحمه الله تَرَك الحكم في الترجمة، وأورد قول الله عز وجل: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ
لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ
وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ﴾ لأن حُكْم مَن يفعل ذلك
ظاهر في هذه الآية.