×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في تبوك عشرين يومًا ينتظر، فلما لم يأتوا قَفَل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سالمًا هو وأصحابه، لم ينلهم سوء من العدو، وكَبَت الله عدوهم وألقى الرعب في قلوب الروم.

هذه غزوة تبوك وما فيها من الأسرار والحِكَم والعِبَر والعظات، وهي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان فيها اختبار وامتحان من الله عز وجل، فنجح أهل الإيمان، وأخفق أهل النفاق، الذين يَدَّعُون الإيمان وهم كاذبون.

وهكذا المِحَن يتبين فيها المؤمن الصادق من المنافق.

أما أوقات الرخاء وطيب العيش، فلا يُعْرَف من الناس المؤمن من المنافق، كلهم يَدَّعُون الإيمان والإسلام! فإذا أتت الشدائد تبين المؤمن من المنافق.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قَفَل من تبوك، وكان في جيشه بعض المنافقين وضعاف الإيمان، تجاذبوا الحديث فيما بينهم يقطعون به عناء السفر، فقال بعضهم: «ما رأينا مثل قُرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا»، يعني: أنهم يحبون الأكل والشرب، «ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء»، يعنون بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

فكان شاب من شباب الأنصار حاضرًا، وهو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، فقال للمتكلم: «كَذَبْتَ، ولكنك منافق»، أنكر عليه، وكان المتكلم واحدًا وبقية مَن كانوا معه سكتوا، فصار حكمهم حكم المتكلم؛ لأنهم لم ينكروا عليه.


الشرح