وقد يأكلون ورق الشجر، أو
يأكلون الجراد، وأحيانًا يكون معهم تمرات قليلة يقتاتونها.
وهذا المنافق يقول عنهم: «أرغب بطونًا»،
وهذه صفات المنافقين خلعوها على المسلمين، لكن كما يقال: رمتني بدائها وانسَلَّتْ.
قوله: «ولا أكذب ألسنة» وهل الرسول
والصحابة يَكذبون؟!
إنما هذه هي أبرز صفات المنافقين، وحال هذا المنافق يَشهد على ذلك.
قوله: «ولا أجبن عند اللقاء» إذا
كان الصحابة جبناء، فمَن الذين غَزَوْا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وجاهدوا
معه؟! ومَن الذين فتحوا الفتوح بعده، ونشروا الإسلام؟!
لا شك أن الجبن والتخلف عن لقاء العدو من صفات المنافقين. أما الصحابة
فشجاعتهم وإقدامهم على الجهاد لا تخفى على كل ذي بصيرة.
فلما سمعه عوف بن مالك رضي الله عنه يقول ذلك، ذهب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ليخبره بأمر ذلك المنافق، فوجد القرآن قد سبقه.
وفي هذا دليل على وجوب إنكار المنكر.
وفيه: سَعة علم الله سبحانه وتعالى، وأن الله عَلِم مقالتهم وسمعها من فوق
سبع سماوات، فأنزل الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم.
فلما عَلِم هذا المنافق أن الرسول صلى الله عليه
وسلم قد بَلَغته مقالته، أسرع إليه معتذرًا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم
يقبل اعتذاره؛ لأن الله لم يقبل عذره، وأمره أن يقول له: ﴿أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ
تَسۡتَهۡزِءُونَ﴾، فامتثل صلى الله عليه وسلم