أمر الله عز وجل، وقال له ما أنزله الله في حقه، ونَسَب هذا القول إلى
الجماعة مع أن المتكلم والمُراجِع واحد؛ لأن الذين شهدوا المجلس الذي قيل فيه هذا
القول ولم ينكروه - صار حكمهم حكم قائله، والعياذ بالله.
وفي الحديث دليل على أن الإنسان إذا تكلم بكلام الكفر، فإنه يَكفر
ولو لم يعتقد هذا بقلبه. وإذا فَعَل الكفر يَكفر، وإذا فَعَل الشرك يُشْرِك، ولو
لم يعتقده بقلبه.
لأن هؤلاء يقولون: إنما كنا نخوض ونلعب. يعني ما قَصَدنا هذا في قلوبنا.
وأيضًا: هم كانوا مؤمنين ثم ارتدوا بسبب استهزائهم بالرسول صلى الله عليه
وسلم وصحابته؛ لأن الله عز وجل قال في حقهم: ﴿قَدۡ
كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ﴾، فلو كانوا منافقين من قبل لما قال: ﴿قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ
إِيمَٰنِكُمۡۚ﴾؛ لأن المنافق كافر في الأصل، فدل على أن هؤلاء النفر
كانوا مؤمنين، فلما تكلموا بهذا الكلام -والعياذ بالله - ارتدوا عن دين الإسلام.
وأما المنافقون فقد قال الله عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ﴾ [التوبة: 74]، ولم يقل: بعد إيمانهم. فدل على أن المنافق يقال له: «مسلم»؛ لأنه استسلم وانقاد ظاهرًا، لكن لا يقال له: «مؤمن».