ثم قال له المَلَك: «فَأَيُّ
الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟» وهذا زيادة على ما أُعْطِي من حسن اللون والجلد،
فقال: «الإِْبِلُ - أَوْ قَالَ الْبَقَرُ»،
وهذا شك من الراوي.
مما يدل على دقة السلف في الرواية، فهم لا يَجزمون بالرواية إذا كان فيها
شك؛ ولذلك أتى بالاحتمالين إبراءً للذمة.
بخلاف كثير من الناس اليوم، يندفعون وينسبون الأقوال والأفعال إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم على سبيل الجزم، دون التحقق من صحة نسبتها إليه صلى الله عليه
وسلم، بل ليس عندهم غلبة ظن على الأقل. أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا شَكُّوا جاءوا بالاحتمال إبراءً للذمة.
قال: «فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ»
والعُشَراء: هي التي مضى على حملها ثمانية أشهر وقربت من الولادة، وهي أَنْفَس
الأموال،.ثم قال له: «بَارَكَ اللهُ لَكَ
فِيهَا»، دعا له بالبركة؛ لأن المال إذا لم تَحِل به البركة، فإنه يتلف ولا
ينمو. وهذا بأمر الله عز وجل من أجل الابتلاء والامتحان.
ثم أتى إلى الأقرع، وسأله عن أحب الأشياء إليه، فقال: «شَعْرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ»،
فمَسَحه فزالت عنه هذه الآفة، وأُعْطِي شعرًا حسنًا. وهذه نعمة عظيمة من الله عز
وجل.
ثم قال له زيادة على ذلك: «فَأَيُّ
الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟» زيادة خير. قال: «الْبَقَرُ أَوْ الإِْبِلُ»، فأُعْطِي بقرة حاملاً، أي: في بطنها
جنين. ودعا له المَلَك بالبركة في ماله كما دعا للأبرص.