×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثالث

 فما صفة هذا الشرك؟ وما سببه؟

أما سببه فهو أن الشيطان أتاهما وقال: «سَمِّياه عبد الحارث»، يعني: لَتسميانه لغير الله. والحارث: هو الشيطان. قيل: كان اسمه الحارث، ثم إنه لما لُعِن وطُرِد سُمِّي: إبليس.

قال: «لَتطيعاني أو لأجعلن له قرنَي إِيِّل، فيَخرج من بطنكِ فيشقه»، فلم يطيعاه فمات الولد. ثم حملت مرة ثانية، فجاءهما وقال لهما مثل قوله الأول، فلم يطيعاه فمات الولد. ثم حملت مرة أخرى، فجاءهما وكَرَّر عليهما مقالته، فأخذهما حب الولد، فسَمَّياه «عبد الحارث»؛ لأجل أن يَسْلَم من الشيطان.

فعَتَب الله عليهما ذلك بقوله: ﴿جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَاۚ.

هذا هو الصحيح في تفسير الآية، وهو الذي اختاره ابن جرير والشوكاني، والمؤلف والشارح مشيا على هذا القول. وأن المراد آدم وحواء.

وذهب آخرون - كابن كثير وغيره - إلى أن المراد ذرية آدم، وليس آدم ولا حواء؛ لأن آدم نبي ولا يقع منه هذا.

وعَلَّق ابن كثير على هذه القصة بقوله: «وكأنه - والله أعلم - مأخوذ من أهل الكتاب» أي: من الإسرائيليات.

ولكن الصحيح هو القول الأول؛ لأن السياق في آدم وحواء ظاهر، وصَرْفه عن آدم وحواء تَعَسُّف.

أما قوله عز وجل في آخر الآية: ﴿فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ فهذا المراد به الذرية. وهذا من باب الالتفات والانتقال من آدم إلى ذريته، والسياق يقتضي هذا، والضمائر كلها بالتثنية فهي تدل على أن المراد آدم وذريته.


الشرح